سورة إبراهيم - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (إبراهيم)


        


{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)}
{إِذْ أَنجَاكُمْ} ظرف للنعمة بمعنى الإنعام، أي إنعامه عليكم ذلك الوقت.
فإن قلت: هل يجوز أن ينتصب بعليكم؟ قلت: لا يخلو من أن يكون صلة للنعمة بمعنى الإنعام، أو غير صلة إذا أردت بالنعمة العطية، فإذا كان صلة لم يعمل فيه، وإذا كان غير صلة بمعنى اذكروا نعمة الله مستقرّة عليكم عمل فيه، ويتبين الفرق بين الوجهين أنك إذا قلت: نعمة الله عليكم، فإن جعلته صلة لم يكن كلاماً حتى تقول فائضة أو نحوها، وإلا كان كلاماً، ويجوز أن يكون (إذ) بدلا من نعمة الله، أي: اذكروا وقت إنجائكم، وهو من بدل الاشتمال.
فإن قلت: في سورة البقرة {يُذَبّحُونَ} وفي الأعراف {يَقْتُلُونَ} وههنا {وَيُذَبِّحُونَ} مع الواو، فما الفرق؟ قلت: الفرق أنّ التذبيح حيث طرح الواو جعل تفسيراً للعذاب وبياناً له، وحيث أثبت جعل التذبيح لأنه أوفى على جنس العذاب، وزاد عليه زيادة ظاهرة كأنه جنس آخر.
فإن قلت: كيف كان فعل آل فرعون بلاء من ربهم؟ قلت: تمكينهم وإمهالهم، حتى فعلوا ما فعلوا ابتلاء من الله. ووجه آخر وهو أن ذلك إشارة إلى الإنجاء وهو بلاء عظيم، والبلاء يكون ابتلاء بالنعمة والمحنة جميعاً، قال تعالى {وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً} [الأنبياء: 35] وقال زهير:
فَأَبْلاَهُمَا خَيرَ البَلاَءِ الذي يَبْلُوا ***


{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} من جملة ما قال موسى لقومه، وانتصابه للعطف على قوله: {نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ} [البقرة: 231] كأنه قيل: وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم، واذكروا حين تأذن ربكم. ومعنى تأذن ربكم: أذن ربكم. ونظير تأذن وأذن: توعد وأوعد، تفضل وأفضل. ولا بدّ في تفعل من زيادة معنى ليس في أفعل، كأنه قيل: وإذ أذن ربكم إيذاناً بليغاً تنتفي عنده الشكوك وتنزاح الشبه. والمعنى: وإذ تأذن ربكم فقال: {لَئِن شَكَرْتُمْ} أو أجرى {تَأَذَّنَ} مجرى، قال: لأنه ضرب من القول. وفي قراءة ابن مسعود: {وإذ قال ربكم لئن شكرتم}، أي لئن شكرتم يا بني إسرائيل ما خولتكم من نعمة الإنجاء وغيرها من النعم بالإيمان الخالص والعمل الصالح {لأَزِيدَنَّكُمْ} نعمة إلى نعمة، ولأضاعفن لكم ما آتيتكم {وَلَئِن كَفَرْتُمْ} وغمطتم ما أنعمت به عليكم {إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ} لمن كفر نعمتي.


{وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)}
{وَقَالَ موسى} إن كفرتم أنتم يا بني إسرائيل والناس كلهم، فإنما ضررتم أنفسكم وحرمتموها الخير الذي لابد لكم منه وأنتم إليه محاويج، والله غني عن شكركم {حَمِيدٌ} مستوجب للحمد بكثرة أنعمه وأياديه، وإن لم يحمده الحامدون.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8